سنتكلم اليوم عن المكون الثاني من مكونات الهوية والذي هو الشخصية. الشخصية هي مجموعة الخصائص البشرية المرتبطة بالهوية والتي تصف أفعالها وتصرفاتها وتفاعل المستهلكين معها وهي تشمل الفئة العمرية، الجنس ذكر أو أنثى، الطبقة المادية، الحالة الاجتماعية، العاطفية، والنفسية. فعلى سبيل المثال شركة (موبايلي) تقدم خدمة “راقي” والتي توصف بأنها ذكورية، راقية، وكلاسيكية. بينما خدمة “موبايلي فلة” من الممكن وصفها بأنها شبابية، مرحة. وخدمة “موبايلي نجمة” توصف بأنها أنثوية، وكلاسيكية.
أيضاً منتج مثل (تايد) يوصف بأنه عائلي، اقتصادي. بينما منتج (أومو) فيوصف بأنه راقي، وسعره قد يكون أغلى من تايد.
إذاً فالشخصية مثلها مثل شخصية البشر. شخصية الهوية لا تتكون بين ليلة وضحاها بل هي مثل الشخصية البشرية تنمو وتنضج يوما بعد يوم. أيضاً يؤثر فيها تفاعل المستهلكين معها، بمعنى آخر، الشخصية هي المعدل المتوسط لتفاعل المستهلكين مع هذا الـهوية. فلو أخذنا مثالاً على ذلك شركة (ماكدونالدز)، فمن الممكن أن نصف شخصية (ماكدونالدز) بأنها مرحة، عفوية، محبوبة من الأطفال، رخيصة، متوفرة، منتشرة، طازجة، ونظيفة.
قد نتساءل يوماً ما عن أهمية وجود شخصية للـهوية؟ الإجابة على هذا السؤال تكمن في: يسهل وجود الشخصية فهم المستهلكين لهذه الهوية بشكل أعمق وبالتالي تكوين تصور ذهني عنها وتكوين علاقة عاطفية معها، بمعنى أنه قد تغير مفهوم الهوية من مجرد منتج إلى مفهوم آخر. هذا ما يجعلنا نعتقد أحيانا أن أحذية (Nike) ليست مجرد أحذية بل هي أسلوب حياة، وهي طريقة ممارسة للرياضة، فهي مرونة أو حركة. أيضاً من فوائد الشخصية الخاصة بالهوية هو أنها تساهم في تمييز المنتجات والتفرقة بينها خاصة إذا كانت تقع في نفس التصنيف أو في نفس الفئة. نتذكر إعلانات (Get a Mac) التي أطلقتها شركة (Apple) ما بين 2006 و2009 والتي كانت تسعى إلى تصنيفها والمقارنة بينها وبين (Windows) حيث كانت تصف أجهزة (Windows) بأنها أجهزة بطيئة، معرضة للفيروسات، صعبة الاستيعاب، وكبيرة في العمر. بينما كانت تصف أجهزتها بأنها سريعة، شبابية، مرحة، ولا تتعرض للأعطال.
الآن كلنا نتسائل كيف يمكننا كمنظمة أو شركة أو مؤسسة أن نخلق هذه الشخصية أو نصنعها أمام المستهلكين؟ هناك طرق عديدة لعمل ذلك لعل من أبرزها استخدام الصور لبعض الأشخاص أثناء استخدامهم لهذا المنتج أو الخدمة. قد تكون أيضا عن طريق رعاية فعاليات معينة كما شاهدنا (Red Bull) تقوم برعاية بعض الغعاليات الشبابية. وبالتالي قد يرتبط وصف الشخصية الشبابية ب (Red Bull). قد تكون أيضاً باستخدام شخصيات المشاهير كما حدث مع (Cristiano Ronaldo) في إعلان شامبو (Clear).
سنتكلم الآن عن العنصر الثالث من عناصر الهوية وهو خصائص الهوية. خصائص الهوية هي عبارة عن مجموعة من الخصائص الموجودة في المنتج أو الخدمة والتي تميزها عن غيرها. وقد يكون سبب وجودها إما المنتج نفسه أو المصدر أو الشركة. مثال على ذلك الساعات السويسرية، فيعتبر البلد المنشأ أو المكان الموجودة فيه هو أحد خصائص هذا المنتج. ونقيس على ذلك الشاي الإنكليزي، التوست الفرنسي والسيارات الألمانية.
لتسهيل فهم معنى خصائص الهوية، لأنه دائما يحصل بينها خلط وبين الخصائص والعناصر، نفكر في الخصائص على أنها أساسا موجودة في المنتج. لنفترض مثلا قطعة من الصابون ويفترض علي أنا كمنظمة أو كشركة تحديد أي من هذه الخصائص التي أرغب بالترويج لها، هل هو شكل الصابون؟ هل هي الرائحة؟ هل هو التعقيم؟ هل هو السعر المناسب؟ التصميم الجيد؟ بهذا بإمكاننا أن نحدد إحدى هذه الخصائص ونستخدمها في الترويج لهذا المنتج.
أما المكون الثالث والأخير من مكونات الهوية والذي سنتحدث عنه الآن فهو العنصر أو العناصر. العناصر لعلها الأكثر انتشارا والأقرب إلى المستهلكين، وهي عبارة عن إجمالي الصفات المرئية والمسموعة والمحسوسة التي تساعد المستهلك على التمييز بين منتج ومنتج آخر. وهي أيضا نقطة الاتصال الأولى ما بين العميل وما بين الخدمة أو المنتج. سنناقش بعض هذه العناصر أولها الشعار.
الشعار عالم واسع جدا وعادة ما يحدث هناك خلط كما ذكرنا في المحاضرة الأولى ما بين الشعار وما بين الهوية. الشعار ليس هو الهوية. الشعار هو جزء من إحدى أجزاء الهوية. ولكن نظرا لأهميته يحدث أحيانا خلط بينه وما بين الهوية نفسها. فالشعارات قد تكون كتابية، قد تكون رسومية، وقد تكون مزيج من الاثنين. ومن المهم جدا أن تعنى الشركة بهذا الشعار لأنه عادة يأخذ وقت طويل حتى يتغير ويكون مكلف على الشركة. كما أنه يلخص رؤية ورسالة الشركة، لذلك من المهم أن يكون بسيط ومعبر، لأن أول ما تقع عليه عين العميل هو هذا الشعار، لذا من المهم أن يكون سهل الحفظ وقابل للتذكر.
من العناصر المهمة أيضا هو اسم الشركة. تنفق الشركات الأموال الطائلة على تسمية المنتجات أو الخدمات وأحيانا اسم الشركة نفسه. فمن الأسماء المميزة في المملكة “عقال” وهي عبارة عن “عقول” و”مال“. وهي شركة تعنى بالاستثمار في مشاريع الشباب. أيضا “أجمكان“، “أجمل مكان” وهي أحد الأحياء الموجودة في الرياض. هذه إحدى الطرق لتكوين الأسماء. بدمج اسمين مع بعضهما البعض. قد يكون أحيانا اسم الشركة هو اسم المؤسس، وقد يكون معنى إيجابي، وقد يكون هدف تسعى الشركة إلى تحقيقه. تتنوع الاستراتيجيات لكن من المهم جدا أن تحرص الشركة على اختيار هذه العناصر بشكل جيد.
من عناصر الهوية أيضا الرموز. فالرموز هي عبارة عن أيقونات صغيرة ترمز لهذه الشركة أو المنتج أو الخدمة. وهي تختلف عن الشعار، حيث أن الشعار قد يحمل كتابة بينما الرمز لا يحمل كتابة. فمثلا شعار شركة ديزني عبارة عن رمز الفأر بالإضافة إلى كتابة ديزني باللغة الإنجليزية. الرمز فقط هو رمز الفأر بينما الشعار كاملا هو عبارة عن رمز الفأر زائد الكتابة الإنجليزية.
من عناصر الهوية أيضا الشخصية، وهي عادة ما تكون لأهداف ترويجية ولها عدة أشكال مختلفة. وقد تعزز الشخصية التي سبق وذكرناها في الفقرة السابقة من شخصية الهوية قد تكون ترويجية فقط مثل شخصية منتج دبي، قد تكون شخصية مرحة ومحببة مثل شخصيات (Ms&M) وقد تكون لها ارتباط بمؤسسين أو من أوجدوا المشروع أو الشركة مثل شرب (كويكر) أو دجاج (كنتكاكي).
من عناصر الهوية أيضا مايعرف بالشعار اللفظي أو الـ(Slogan) وهو عبارة تلخيص لرؤية ورسالة هذه المنظمة أو الشركة. مثلا (ماكدونالدز) “أنا أحبه“، وقناة (الرسالة) “إبداع وأصالة“، وشركة الاتصالات (STC) “حياة أسهل“، أما شركة (موبايلي) “عالم من اختياري“. كل هذه ال (Slogans) تسهل على المستهلك أن يتذكر هذه الشركة بمجرد قراءته له والذي يعرف عادةً ما هو نشاط هذه الشركة.
من عناصر الهوية أيضا الألوان، فيفترض للشركات أن تختار الألوان بعناية شديدة لأن لكل لون معاني مختلفة عن اللون الآخر وله مضمون يختلف حسب المكان الذي يستخدم به. فمثلا الشركات التي يتطلب عملها الديناميكية والحركة فمن الممكن أن تستخدم اللون الآحمر. بينما نجد الشركات التي يتطلب عملها الثقة والشعور بالأمان والتوازن مثل البنوك وشركات التقنية عادة ما تستخدم اللون الأزرق. أما الشركات التي لها ارتباط بمنتجات الأرض مثل القهوة أو التي تستخدم أشياء من الأرض مثل البترول عادة ما تستخدم اللون الأخضر. من المهم أيضا مراعاة معاني الألوان عند الشعوب المختلفة.
من عناصر الهوية أيضا الأصوات أو النغمات، فكما نجد نغمة (نوكيا) المعروفة، سنجد الآن أن لكل شركة اتصالات نغمة مميزة . كل هذا يدخل من ضمن عناصر الهوية والتي بمجرد سماعها تجعل المستهلك يتعرف على هوية الشركة حتى وان لم يرها أو لم يرتبط بها بصريا.
من العناصر أيضا الرائحة. نجد أحيانا بعض الشركات تنتج روائحها بشكل صناعي لتعزز من قيمة الهوية، كما حدث مع (بيتزا هت) فقد أنتجت عطرا خاصا بالبيتزا الخاصة بها. السيران السنغافروي فعل الشيء نفسه أيضا. هدف هذه التكتيكات التسويقية من الشركات هو تعزيز قيمة الهوية في حواس المستهلك كافة وليس فقط البصرية منها، ذلك لكي تزيد الارتباط ما بين المستهلك وما بين هذه المنتجات أو الخدمات بشكل أكبر وحتى ترسخ في ذاكرته بشكل أكبر.
من عناصر الهوية أيضا التعليب أو التغليف. بما أن معظم قراراتنا في الشراء تعتمد على الشكل الخارجي للمنتج خاصة إذا كان المنتج يشترى لأول مرة، فمن المهم جدا أن تحرص الشركة على تصميم هذا الشكل الخارجي بشكل جيد وجذاب. أيضا يتعدى ذلك مرحلة الشكل إلى الفاعلية، بمعنى هل سهل ذلك على المستهلك أن يمسك المنتج ويضعه في سلة التسوق؟ هل يأخذ المنتج مساحة كبيرة أثناء عملية الشحن؟ من الأمثلة على الاستخدام الجيد لتعاليب المنتجات (ايكيا) التي تحرص على تعليب منتجاتها بشكل مسطح وذلك لتقليل تكلفة النقل وبالتالي تقليل التكلفة على المستهلك. أيضا شاهدنا منذ فترة أن علب العصير الكبيرة تغيرت من الشكل العادي إلى شكل ذو عنق طويل يسهل على المستهلك حملها وتناولها ووضعها في سلة التسلق.
تلخيصا لكل ما ذكرناه سابقا عن مكونات الهوية، بإمكاننا أن نتفق على أن الهوية مثل الشخص أو الكائن البشري، بحيث تكون القيم هي عبارة عن معتقدات هذا الشخص الموجودة بداخله، أما بالنسبة لشخصيته فهي عبارة عن الأفعال والسلوكيات والتصرفات التي يقوم بها هذا الشخص. الخصائص مثل المهنة والتعليم والثقافة هي ما تميز هذا الشخص عن غيره. أما العناصر فهي اللون، الشعر، البشرة، وهي التي من الممكن أن نلمسها على هذا الشخص بشكل خارجي. ويقال إذا كانت الهوية عبارة عن شخص بشري، فإن ما نراه من هذا الشخص خارجيا من شكل هي تعريف الهوية، ووجه هذا الشخص نفسه هو الشعار.
الصور المرفقة في هذه المقالة هي الهوية التجارية لفندق التاج للمصمم مصطفى أبورويص